بقلم الأستاذ جبرائيل حنا ، نائب العميد الأكاديمي، كلية بيت لحم للكتاب المقدس
عانت الإنسانية عبر العصور ومنذ الاف السنين أنواع عديدة من التمييز العنصري والتفرقة والطبقية، والتمييز بين الإنسان وأخيه الإنسان. ظهر هذا الأمر في انتهاك حقوق الانسان وكرامته وفي العبودية التي تغللت في الحضارات والامبراطوريات من فكر محدود مؤذ للإنسانية. لقد مارست العديد من الامبراطوريات والشعوب على مر التاريخ العبودية والتمييز بين الطبقات عن طريق ممارساتها المؤلمة والممزقة لحرية الإنسان وكرامته في الحياة.
الغريب في الأمر أن الانسان سار في هذا الطريق واستغل نفوذ قوته في فرض هذا الأمر. والشيء الاخر بأن الكثيرين من البشر سلموا لهذا الرضوخ مؤمنين أنه واقعهم الذي فرض عليهم وهذه هي سنة الحياة. في هذه المقالة سألقي الضوء على معنى التمييز وأنواعه، وأمثلة لممارسة العنصرية ومبادرة دحض لسياسة التمييز، السبب العام للتمييز، ثم سننظر بشكل سريع عن نظرة الكتاب المقدس، وأخيراً سأتطرق لبعض القضايا المتعلقة بالتمييز في السياق الفلسطيني وبعض المبادرات في حل هذه المشكلة.
التمييز بحسب الاتفاقية الدولية.
تعرّف الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في المادة 1 التمييز بأنه: “أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثنين، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الانسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو القافي أوفي أي ميدان اخر من ميادين الحياة العامة”. [1] ويعلن الإعلان العالمي لحقوق الانسان أن البشر يولدون جميعاً احراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة فيه دون تمييز، لا سيما بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي. وترى دول الأطراف في هذه الاتفاقية جميع البشر متساوون أمام القانون ولهم حق متساو في حمايته لهم من أي تمييز ومن أي تحريض على التمييز.
ويضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المساواة وضمان حقوق الطفل والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن أي جميع شراح المجتمع دون تمييز.
تقول الفقرة الأولى من المادة 1 من إعلان العنصر والتحيز العنصري الذي اعتمده وأصدره المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة والعلم والثقافة الصادر عام 1978: “ينتمي البشر جميعا إلى نوع واحد وينحدرون من أصل مشترك واحد. وهم يولدون متساوين في الكرامة والحقوق ويشكلون جميعا جزءا لا يتجزأ من الإنساني”.[2]
السبب العام للتمييز
اليوم يحتفل العالم من كل عام بالمعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان وحفظ كرامته، ومع كل العمل والجهود الا أن الإنسان لم يصل الى مرحلة الالتزام بذلك، مستغلاً من هم أضعف منه.
يرجع السبب في استغلال الناس ووجود طبقة الرق في أيامنا هذه إلى ازدياد أعداد السكان، والتغيير الاقتصادي السريع الذي جعل الفرص المالية أقل أمناً وفساد الحكومات حول العالم وساعد في نشر العبودية دون عقاب.[3] طبعاً هذا ليس بعذر أن يتم استغلال الناس، وهنا يأتي دور الحكومات في تصحيح مفاهيمها والرجوع الى الدستور العادل وتعديل القوانين ومواد القوانين ليتلائم مع مصلحة الافراد وضمان العدالة الاجتماعية. وفي حال وجود هذه الدول في الجمعية العامة وأعضاء في الأمم المتحدة يجب على الأخيرة تقييم أداء الدول والبحث على حلول والمسائلة الفورية وضمان التغيير الإيجابي. يجب على كل دولة وكل حكومة ضمان العمل بالمواثيق الدولية لحقوق الانسان.
أمثلة تاريخية
للأسف، لا يخلو التاريخ المسيحي من العنصرية والاستغلال، حيث دعم البعض عبر التاريخ فكرة الطبقية ابتداء من الفقير وصولاً الى أعلى الطبقات الغنية وصاحبة النفوذ. لقد آمن الكثير واشبعت ثقافاتهم بهذا الفكر المحدود ضد خير الإنسانية والمسيطر على أداء وتقدم البشرية في معترك الحياة. ومن المثير للجدل مثال نعطيه في جنوب أفريقيا وهو استغلال الكنيسة الهولندية مصلحتها في تأييد وتبرير التمييز العنصري هناك، مبتعدين عن تعاليم الكتاب المقدس. وكان الهدف الرئيسي الواضح في معظم حالات التمييز العنصري هو السيطرة السياسية والاقتصادية للأقلية من ذوي البشرة البيضاء.
في الوقت ذاته، رفض الكثير من المسيحيين هذا التمييز وأي نوع من أنواع الظلم. ففي جنوب أفريقيا، حارب المسيحيون سود البشرة نظام الفصل العنصري، ويظهر ذلك مثلاً في وثيقة كايروس جنوب أفريقيا. ورأينا قبل هذا رفض جماعات داخل الكنيسة في ألمانيا لاضطهاد اليهود وللفاشية التي مارسها هتلر، مجابهين هذه الممارسات الزائفة، كما تجلى في إعلان بارمن الذي صدر عام 1934 وهو مجموعة من البروتستانت الالمان الذين كانوا في مواجهة سياسات الكنيسة الألمانية أثناء حكم هتلر.[4]
أخيرًا، لا بدّ أن نذكر في هذا السياق عنصرية المسيحية الصهيونية ضد الفلسطينيين ومناداة الكثيرين منهم بأن الله يفضل شعب على شعب، وأنه يحابي بين الشعوب.
التمييز في سياق الكتاب المقدس
لقد كرّم الله الانسان منذ البدء، حيث نقرأ في سفر التكوين الاصحاح الأول عدد 27 أن الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، وبالتالي فإن أي تمييز ضده يعتبر خطية: “فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ”. وفي نفس السفر اصحاح 3 عدد 20 “وَدَعَا آدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ «حَوَّاءَ» لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ”. أي أن كل الاجناس تنحدر من هذين الزوجين. وساوى بين ادم وحواء ولم يعطي لأحد منهم حق التمييز أو سلطة على الاخر. وبعدها عندما محا الطوفان معظم سكان الأرض، نجا ثمانية أشخاص نوح وزوجته وأبنائهم الثلاثة وزوجاتهم. وجميعنا انحدرنا من أبناء نوح. كما يذكر لنا الكتاب المقدس في سفر التكوين: “وَكَانَ بَنُو نُوحٍ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنَ الْفُلْكِ سَامًا وَحَامًا وَيَافَثَ. وَحَامٌ هُوَ أَبُو كَنْعَانَ. هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ بَنُو نُوحٍ. وَمِنْ هؤُلاَءِ تَشَعَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ” (التكوين 9: 18-19). من هنا نرى أن كل إنسان مهما كانت بشرته فهو مخلوق على صورة الله، وأي تمييز عنصري ضد أي إنسان بناء على لون بشرته أو شكله يعتبر خطية وتعدي على الله نفسه. ولا يحق لأي شخص حق التمييز أو السلطة على الاخر.
الرب واحد لا يتغير ولا يحابي
الرب هو إله كل الشعوب إذ منذ الازل كانت ارادته في الخلاص لكل الشعوب دون تمييز. وعندما يختار أي منا لهدف ما، ليس لأننا أعلى شأنناً من أحد، بل من أجل نكون بركة للآخرين ونمضي قدماً نحو الهدف المنشود وهو بناء الملكوت وخلاص جميع النفوس والشركة المقدسة مع الله.
“لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ إِلهُ الآلِهَةِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الإِلهُ الْعَظِيمُ الْجَبَّارُ الْمَهِيبُ الَّذِي لاَ يَأْخُذُ بِالْوُجُوهِ وَلاَ يَقْبَلُ رَشْوَةً. الصَّانِعُ حَقَّ الْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ، وَالْمُحِبُّ الْغَرِيبَ لِيُعْطِيَهُ طَعَامًا وَلِبَاسًا” (تثنية 10 : 17- 18).
السيد المسيح
لقد جاء المسيح ليتمم قصد الله للإنسان وليخبره عن الله ويقرب الفجوة بينه وبين الإنسان. إن يسوع نفسه واجه الفكر العنصري في العديد من الاحداث التي مر بها. هو المقياس الذي نقيس به كل الأمور الحياتية من مفاهيم وقوانين وممارسات تحدث في معترك الحياة. نستطيع من خلال حياة المسيح وتعاليمه السامية أن نقارن ونحسم الأمور. شخص يسوع هو الإجابة لكثير من التساؤلات بين الناس فقط عليهم أن يدرسوا ويتحققوا من الأمور. يسوع هو الراعي الصالح وهو مستعد أن يبذل حياته من أجل البشرية ليس فقط لخراف إسرائيل الضالة بل للجميع دون تمييز.[5]
لكن الأهم أن نتذكر يسوع وتعاليمه كيف كان سيرد ويتصرف، لقد لمس الأبرص، لقد أعطى الانتباه وشفا المرأة النازفة، تكلم مع المرأة السامرية وأعطاها الخلاص. بارك الأطفال وأكد حقوقهم وأهميتهم. بارك الجميع وتعامل مع جميع حلقات المجتمع دون أي تمييز. لقد جاء يسوع ليتمم امال العهد القديم إذ قراء في المجمع في فلسطين “رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ” (لوقا 4: 18).
بولس الرسول
تكلم بولس الرسول بوحي من الله عن هذا الموضوع ملخصاً ومجيباً لكل البدع في الماضي ولحاضرنا اليوم في أي تمييز وفصل عنصري يحدث في أي مكان بدءً من فلسطين وصولاً الى جميع أقطاب الأرض. “لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ، فَأَنْتُمْ إِذًا نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَسَبَ الْمَوْعِدِ وَرَثَةٌ”. (رسالة بولس الرسول الى أهل غلاطية 3 :28-29). وأكد بولس الرسول قصد الله للجميع بدون استثناء ” الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ (تيموثاوس الثانية 2: 4).
يعقوب
ما زلنا اليوم نواجه التمييز بالرغم من معرفة الكتاب المقدس. ولكننا ننسى ونعصي الله في هذا الأمر. إذ التمييز في العلاقات، وفي العائلة التي تملك النقود والنفوذ، في الكنيسة وفي المجتمع ننظر الى الشخص المتعلم بنظرة أعلى وأفضل من الاخر. يوجد احتقار لبعضنا البعض ويشعر بها الكثيرون من حولهم. التمييز يجرح الإنسان من أخيه الإنسان بقصد أو بدون، بمعرفة أو بلا، فالتمييز هو عثرة أمام الناس وأمام التقدم في الخدمة وفي بناء الملكوت.
“يَا إِخْوَتِي، لاَ يَكُنْ لَكُمْ إِيمَانُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، رَبِّ الْمَجْدِ، فِي الْمُحَابَاةِ. فَإِنَّهُ إِنْ دَخَلَ إِلَى مَجْمَعِكُمْ رَجُلٌ بِخَوَاتِمِ ذَهَبٍ فِي لِبَاسٍ بَهِيٍّ، وَدَخَلَ أَيْضًا فَقِيرٌ بِلِبَاسٍ وَسِخٍ، فَنَظَرْتُمْ إِلَى اللاَّبِسِ اللِّبَاسَ الْبَهِيَّ وَقُلْتُمْ لَهُ :«اجْلِسْ أَنْتَ هُنَا حَسَنًا». وَقُلْتُمْ لِلْفَقِيرِ: «قِفْ أَنْتَ هُنَاكَ» أَوِ: «اجْلِسْ هُنَا تَحْتَ مَوْطِئِ قَدَمَيَّ» فَهَلْ لاَ تَرْتَابُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَتَصِيرُونَ قُضَاةَ أَفْكَارٍ شِرِّيرَةٍ؟” (رسالة يعقوب 2: 1-4).
في هذا الموضوع من هذا الاصحاح نرى الشخص الغير ناضج يتحدث عن إيمانه، وأما الشخص الناضج يحيا بإيمانه ويمارس الحق. لقد أراد الرسول يعقوب أن يساعدنا لنطبق كلمة الله عملياً.[6]
موضوع تحريم المحاباة واضح جدا في هذه الفقرة والمشكلة كانت بالتحيز ضد الفقراء ونسب هذا التصرف إلى الأفكار الشريرة. ويذكرنا الرسول يعقوب بموقف الله الذي اختار الفقراء ليكونوا أغنياء وبمحبة الله والقريب خلاصة الناموس. ويدين بشدة المحاباة التي تعني حرفياً عن الترجمة اليونانية محاباة الوجوه ” أي إصدار الاحكام والتمييز بين الناس على أساس اعتبارات خارجية، كالمظهر الجسماني، أو المركز الاجتماعي أو الجنس”. لأنها تناقض تماما معاملة الله للبشر وشعب الله يجب أن يتمثل بالله في هذا الأمر أيضًا. [7]
تفضيل بعض الناس عن غيرهم وإعطاء انتباه لشخص أكثر من الاخر بسبب ثرائه، أو مظهره، أو تاثيره، هو مناف لتعليم وإرادة الله للجنس البشري وعلى فكرة هذه كتبت للمؤمنين.[8]
السياق الفلسطيني
عانت العائلة الفلسطينية الويلات والتهجير زمن النكبة والنكسة، ومازالت تعاني الامرين من عنف واذلال وانتهاك لحقوق الانسان في الكرامة والعيش الكريم تحت الاحتلال الاسرائيلي. وتستمر الحياة وتحدياتها ليست فقط من قبل الاحتلال وممارساته في العنصرية والتهويد بل تقع المسؤولية على الطرف الفلسطيني في تطبيق القوانين والمواثيق الدولية خاصة فيما يتعلق بالمواد والاتفاقيات حول التمييز. فهنالك القوانين التي بحاجة للتغيير وتعديلها ليصب في مصلحة الانسان والعدالة الاجتماعية. فبالرغم من وجود والتوقيع على المعاهدات والمواثيق الدولية، الا أن الثغرة تكمن في تطبيق القوانين حتى لو وجدت. فالتقاليد والعادات والموروث الثقافي مسيطر في الوضع الفلسطيني مما يعطل موضوع العدالة الاجتماعية في كثير من القضايا. لكننا لا نستطيع أن ننكر أنه بالرغم من عدم الاستقرار الاقتصادي أو السياسي، الا أن الشعب الفلسطيني بكافة مؤسساته الحكومية والخاصة يجاهد ويثابر في عملية التوعية والبناء في شتى المجالات وشرائح المجتمع خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة والطفل الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن والعاملين والجميع. ويدرك مجتمعنا تماما أن الجزء الأكبر يقع على المجتمع الفلسطيني ومسؤولياته تجاه بعضه البعض. هنالك جهود جبارة وخطط من كل الأطراف وعمليات تأهيل علمياً صحياً اجتماعيا تربوياً نفسيا سلوكيا لإنشاء جيل قوي يثق في نفسه مسؤول تجاه نفسه ووطنه.
دور الكنيسة واللاهوتيون الفلسطينيون
لعب اللاهوتيين الفلسطينيين المفكرين دورا كبيراً في ارجاع الحق ودراسة المفاهيم الصحيحة للكتاب المقدس. فكتبوا وأصدروا العديد من الكتب وعملوا العديد من ورشات العمل واللقاءات الأخوية والمؤتمرات ووقفات حق بين العديد من الأطراف محاولين إعادة اكتشاف التحرر الذي قام به السيد المسيح والذي يجب أن نكون على علم به. لان الجميع قد تحرر بصورة مطلقة من خلال المسيح.[9]
لعبت الكنيسة المحلية دورا رائعا في بناء الإنسانية. مترجمة عملها وايمانها في خدمة المجتمع ولجميع أبناء الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه دون تمييز، فبناء المستشفيات التي أنقذت حياة الناس والتعليم للجميع دون تمييز والخدمات الاجتماعية. ودور الرعاية والملاجئ، والكثير من الخدمات التي ساهمت في تقطيب جروح الإنسان ومعاناته وبناء الفرد نفسياً وجسدياً واجتماعياً.
حلول مقترحة
الحل هو الحديث والحوار البناء الدائم بين الأفراد والذي يأخذ جميع أشكال البرامج والوسائل والأنشطة الهادفة للوصول إلى وعي كاف وحل عادل يتيح الفرصة للجميع بالعيش الكريم المشترك. فهذا هو قصد الله وارادته للجميع. لقد حان الوقت لنقف معا لنرفع أصواتنا أمام العالم لعمل السلام والخير على الجميع. يجب علينا تكريس دور الاعلام (السلطة الرابعة) واستغلال وسائل الاتصال الجماهيري والاجتماعي لنشر التوعية الممنهجة والمدروسة كأليات ضغط على الجهات المنتهكة لحقوق الانسان.
تفعيل دور الكنائس والمؤسسات الوطنية الحكومية والخاصة منها وضرورة التكاثف والتنسيق المستمر بين هذه المؤسسات لوضع الخطط ولعمل برامج التوعية بين الناس للمناصرة وحث الجهود للعيش الكريم. وجود رؤية واضحة وعملية تتجه نحو المستقبل. دعم المفكرين اللاهوتيين واللجوء إليهم ومحاورتهم والترتيب معهم في العديد من القضايا. وتشجيعهم على الكتابات وعمل المؤتمرات المحلية والدولية. ودعوة ممثلين من دول عديدة للمساعدة في نشر الوعي وإرادة الله للبشرية هو الخير وليس التعصب والتمييز.
تفعيل الحركات اللاهوتية المسيحية بدأ من فلسطين والى العالم أجمع في هذا الخصوص. لتذكير الناس بالتمييز الذي ميزه الله للإنسان وعلى الأخير مسؤولية استدامة هذا التمييز.
أخيراً
لقد لخص السيد المسيح كل الشرائع وكل الكتاب المقدس في جوابه لأحد الناموسيين، وأرى أنه واضح ويتكلم لنا اليوم ولكل المقاييس “وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ” (متى: 22: 35-40).
المصادر والمراجع
-
https://www.ohchr.org/ar/ProfessionalInterest/Pages/CERD.aspx
-
كانون، مي. العدالة الاجتماعية قضايا معاصرة، خطوات صغيرة نحو عالم أفضل. ترجمة هدى بهيج. القاهرة: دار الثقافة، 2009.
-
إلينجنسن، مارك .الحافة الحادة: الكنائس وقضايا المجتمع. ترجمة بهيج يوسف. القاهرة: دار الثقافة، 1997.
-
ريتشوتي، يوسف. حياة يسوع وتعاليمه. أسيوط: الكلمة،2011.
-
ورزبي، وارين. كن ناضجاً. كيف تكسر الجمود الروحي وتنمو في المسيح. ترجمة د. رضا الجمل القاهرة: مطبوعات إيجلز، 1999.
-
مو، دوجلاس. التفسير الحديث للكتاب المقدس. رسالة يعقوب. القاهرة: دار الثقافة، 1992.
-
الأفكار الرئيسية للعظات الكتابية. شركة الطباعة المصرية، 2009.
-
عتيق، نعيم. الصراع من أجل العدالة. لاهوت التحرر الفلسطيني، دار الكلمة، 2002.