كمسيحي فلسطيني يعيش ويعمل على جانبي جدار الفصل، أنا أعيش مع الناس على هذه أرض. كوني من مواطني القدس منحني ميزة فهم كيف يفكر سكان القدس، كما ساعدتني الخدمة في الضفة الغربية لسنوات عديدة أن أفهم كيف يفكر سكان الضفة الغربية. على جانبي الجدار، للأسف، يواصل الفلسطينيون الغرق في جو من عدم اليقين، والوعود التي لم يتم الوفاء بها، والآمال المحطمة.

صفقة بعد صفقة واتفاقية بعد اتفاقية جعلت شعبنا يمل ويشك بأي شيء يقترح. إذا رجعنا إلى الماضي ونظرنا معاهدات السلام السابقة وخطط التقسيم المقترحة، فإن الخاسرين فيها كان الفلسطينيون دائمًا. نحن لم نربح أبدًا من أي من هذه الخطط، بل فقدنا المزيد في كل مرة. على سبيل المثال، قلّصت خطة التقسيم في إطار الأمم المتحدة حصة الفلسطينيين من الأرض إلى حوالي 43٪، على الرغم من أن عدد العرب في ذلك الوقت كان ضعف عدد اليهود. وفي الحروب واتفاقات السلام اللاحقة، فقدنا المزيد من الأراضي والموارد والحقوق. وخلال السنوات التي تلت ذلك، تم تزويدنا بمقترحات مثل أوسلو وكامب ديفيد، وكلاهما -من وجهة نظرنا -يتطلب تنازلا أكبر من جانبنا دون تقديم متطلبات متساوية من الإسرائيليين. نحن نشعر أن خطط السلام الدولية كانت دائمًا متحيزة تجاه إسرائيل، لكنها ليست بأكثر تحيزا من الخطة الأخيرة الصادرة من البيت الأبيض.

الآن، تم عرضنا على صفقة من إدارة ترامب والتي يطلق عليها الرئيس “صفقة القرن”. هذه الخطة تتطلب بشكل أساسي تنازلا آخر كبيرا من الفلسطينيين، يشمل السماح لإسرائيل بضم حوالي 30٪ من الضفة الغربية (وهي بحد ذاتها 22٪ فقط من وطننا الأصلي) ويدفعنا بشكل متزايد إلى الهوامش. تشمل خطة ترامب جميع المناطق الفلسطينية، مما يجعلها تبدو مثل الجبن السويسري -مع وجود “فتحات في الجبن” غير متصلة تدعى فلسطين. سيتم ربط الأرض غير المتجاورة بالأنفاق و”الطرق الآمنة” التي ستتم السيطرة عليها بشكل أساسي من قبل إسرائيل. إنه مستقبل لمزيد من نقاط التفتيش والإغلاقات، لتصبح حريتنا محكومة من قبل أشخاص آخرين.

أنا متأكد من أن جوانب “خطة السلام” هي أكثر تعقيدًا مما ذكرته حتى الآن. أنا أيضًا على استعداد للاعتراف بأن الخطة قد توفر بعض الأشياء الإيجابية للشعب الفلسطيني من بعض وجهات النظر. ومع ذلك، فإن بعض المقترحات الاقتصادية لا تفعل الكثير لتخفيف الخسارة والإخضاع والإذلال التي تفرضها هذه الخطة علينا.

إذا اعتبرت الخطة بشكل كامل، فهي تذكرني بآية نطق بها النبي ميخا:

” وَيْلٌ لِلْمُفْتَكِرِينَ بِالْبُطْلِ، وَالصَّانِعِينَ الشَّرَّ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ! فِي نُورِ الصَّبَاحِ يَفْعَلُونَهُ لأَنَّهُ فِي قُدْرَةِ يَدِهم. فَإِنَّهُمْ يَشْتَهُونَ الْحُقُولَ وَيَغْتَصِبُونَهَا، وَالْبُيُوتَ وَيَأْخُذُونَهَا، وَيَظْلِمُونَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ وَالإِنْسَانَ وَمِيرَاثَهُ.” (ميخا 2: 1-2).

إن وجود خطة دون إشراك الأشخاص الذين عاشوا في الأرض لعدة قرون فيها ليست خطة على الإطلاق -إنها مكيدة. إنها خطة مثيرة للسخرية تم فرضها بشكل غير محترم علينا حتى دون أن تؤخذ آراءنا.

أصدقائي، عندما أعلن الرئيس ترامب الخطة هل كان هناك قادة فلسطينيون معه على المسرح؟ هل أدلى ببيان بأن هذا هو ما اتفق عليه القادة الإسرائيليون والفلسطينيون؟ لا! بالنسبة لنا، لم تكن هذه الخطة أكثر من مخطط تم إعداده من قِبل زعيمين يواجهان ضغوطًا سياسية خاصة بهما: أحدهما يحاكم في قضية فساد والآخر يريد عقد صفقة تجارية.

إننا نشعر بالقلق من أن هذه المسألة ستستمر في تدهور الحالة التي هي بالأصل محفوفة بالمخاطر. ومن بين أشياء أخرى، فهي ستؤدي إلى شعور الناس باليأس. وما لم يتغير شيء ما، فسوف تستمر في تسهيل نضوب المواطنين المسيحيين من فلسطين.

قد لا يعرف الكثير من الناس ذلك، لكن معظم الأراضي التي صودرت حول محافظة بيت لحم -والتي تضم ثلاث مدن فلسطينية رئيسية، بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا –يسكنها غالبية المسيحيين الفلسطينيين. هذه الخطة المسماة “خطة السلام” ستزيد من فقدان أراضي هؤلاء المسيحيين الفلسطينيين. كيف يتوقع منا أن نتفق على خطة من شأنها إلحاق الألم والخسارة والمعاناة بشعبنا؟ وفي ظل هذه الظروف، يستمر الحافز للمسيحيين الفلسطينيين الأصغر سنا للبقاء هنا في الانخفاض.

في الختام، الوضع كله يتطلب الصلاة. وفيما يلي بعض النقاط لتصلو لها:

صلوا من أجل أن يحل سلام الله على الشعب الفلسطيني بطريقة جديدة، لأنه من الواضح أنه لا يوجد أحد قادر على تحقيق ذلك.

صلوا من أجل أن يكون هناك تدخل دولي سيوقف كل هذه الخطط السخيفة التي يتم طرحها علينا.

صلوا من أجل ألا تفقد الكنيسة الفلسطينية الأمل؛ بل العكس. صلوا لكي نصبح منارة أمل لشعبنا.

صلوا من أجل قادة إسرائيل وفلسطين لإيجاد طريقة للالتقاء باحترام متبادل وإنشاء اتفاق سلام خاص بنا.

+ مقالات