مقدمة: الوجود المسيحي في فلسطين
إنّ الوجود المسيحي متجذر في عمق التاريخ الفلسطيني، وهو كان ولا يزال أحد المكونات الأساسيّة في نسيج المجتمع المحلي، وهذا ما ينكره أو يجهله العالم الغربي حيث تسود لديهم ضبابية المشهد الفلسطيني، وتسيطر عليهم الصورة النمطية التي تربط العروبة بالإسلام. وما يدلل على ذلك الأسئلة التي توجه لي خارج البلاد من قبيل: “متى تنصرّت من الإسلام؟” وبالطبع دائما الإجابة واحدة: “لم أكن بتاتًا مسلمًا أو يهوديًّا، نعلم جيّدًا أننا مسيحيّون منذ قرون طويلة.”
هناك من يعتقدون أنّ المسيحية نشأت في أوروبا وأمريكا. لكن الواقع أنّ تاريخ العديد من العائلات الفلسطينية يرجع إلى الكنيسة الأولى. هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، ففي أعمال الرسل 2: 11 نرى بوضوح بأن العرب نالوا الروح القدس، حيث يعني ذلك أنّ الكثير منهم قد حملوا بشارة المحبة وبشّروا بها في المشرق العربي، وربما في أماكن أخرى لم يدوّنها التاريخ. ما نعرفه يقينًا أنّ البشارة انطلقت من القدس وأثّرت في قلوب الناس الذين سمعوها. ويُقال إنه بحسب المخطوطات الموجودة، فإنّ اللغتين الآراميّة واليونانية كانتا من اللغات السائدة في القرون الأولى، وبسبب الاضطهاد المسيحي الذي دام ثلاثة قرون، فإننا لا نعرف بدقّة متى وكيف استعملت اللغة العربيّة، لكننا نعرف تمام المعرفة أنه منذ نشأة الإسلام تمكّن العرب المسيحيون من استعمال اللغة العربية في ليتورجياتهم وحياتهم الروحيّة.
واليوم، نحن نملك هذا الإرث العربيّ الفلسطينيّ المسيحيّ، نستمرّ في شهادتنا بالمسيح حتى يومنا هذا. وقد تستغربون إذا قلت لكم أن اليهود كتبوا باللغة العربيّة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
لا أريد أن استرسل في ذلك، إنّما أريد القول بأن العرب الفلسطينيين المسيحيين هم من سكنوا على هذه الأرض منذ الكنيسة الأولى، ومنهم من جاء إلى فلسطين في العصور الوسطى لأنها كانت مكانًا آمنًا، ومنهم من جاء مع الصليبيين، هذا بالإضافة الى الحجاج الذين استوطنوا على هذه الأرض المقدّسة بسبب هيبتها وأهميتها.
الاحصائيات التالية توضّح حجم الوجود المسيحي في الوقت الحاضر:
-
يوجد خمس وأربعون ألف مسيحيّ في الضفة الغربية وقطاع غزة، والأكثريّة الساحقة تقطن في الضفة الغربيّة في محافظة بيت لحم، ومدن القدس ورام الله، وبعض قراها، وتجمّعات أخرى في رفيديا/نابلس والزبابدة، ويعيش في قطاع غزة حوالي ألف مسيحيّ فقط.
-
يوجد في إسرائيل 177000 مسيحي، أي 2% من مجمل السكان؛ 77.5% فلسطينيّون مسيحيّون، و22.5% منهم قدموا منذ العام 1990 مع الهجرة اليهوديّة من روسيا أو أثيوبيا ودول أخرى.
ينتمي الفلسطينيّون المسيحيّون إلى أربع عائلات كنسيّة:
-
الارثوذكسيّة: وما نعرفه الروم الأرثوذكس
-
الارثوذكسية الشرقية: وهم المعروفون في اللاهوت اللاخلقدونيين أو Monophysites
وهم: الأقباط، الأحباش ( الأثيوبيون)، والسريان والأرمن
-
الكاثوليكية: وتتكون إلى فرعين:
الأول: اللاتين
الثاني: الكاثوليك الشرقيّون: أي أولئك الذين حافظوا على تقليدهم وليتوريجياتهم الأرثوذكسية الشرقية ولكنهم قبلوا سلطة البابا عليهم وهم:
-
الروم الكاثوليك.
-
السريان الكاثوليك.
-
الأرمن الكاثوليك.
-
الكنائس الإنجيلية، وهي
-
الكنيسة اللوثرية
-
الكنيسة الأسقفيّة الانجليكانيّة
-
كنائس إنجيلية حرّة متعددة، مثل كنيسة الاتحاد والكنيسة المعمدانيّة والخمسينيّة وغيرهم.